فصل: فيه مسائل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


باب قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ *وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ من الآية 191 ،192‏]‏‏.‏

* مناسبة الباب لما قبله

لما ذكر رحمه الله الاستعاذة والاستغاثة بغير الله ـ عز وجل ـ ذكر البراهين الدالة على بطلان عبادة ما سوى الله، ولهذا جعل الترجمة لهذا الباب نفس الدليل، وذكر رحمه الله ثلاث آيات‏:‏

* * *

* · الآية الأولى والثانية قوله‏:‏ ‏{‏أيشركون‏}‏، الاستفهام للإنكار والتوبيخ؛ أي‏:‏ يشركونه مع الله‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏ما لا يخلق‏}‏، هنا عبر بـ ‏(‏ما‏)‏ دون ‏(‏من‏)‏، وفي قوله‏:‏ ‏{‏وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُومِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ‏}‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏ من الآية5‏]‏ عبر بـ ‏(‏من‏)‏‏.‏

والمناسبة ظاهرة؛ لأن الداعين هناك نزلوهم منزلة العاقل، أما هنا؛ فالمدعو جماد؛ لأن الذي لا يخلق شيئا ولا يصنعه جماد لا يفيد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏شيئا‏)‏، نكرة في سياق النفي؛ فتفيد العموم‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏وهم يخلقون‏}‏، وصف هذه الأصنام بالعجز والنقص‏.‏

والرب المعبود لا يمكن أن يكون مخلوقا، بل هو الخالق؛ فلا يجوز عليه الحدوث ولا الفناء‏.‏

والمخلوق‏:‏ حادث، والحادث يجوز عليه العدم؛ لأن ما جاز انعدامه أولا؛ جاز عقلا انعدامه آخرًا‏.‏

فكيف يعبد هؤلاء من دون الله؛ إذ المخلوق هو بنفسه مفتقر إلى خالقه وهوحادث بعد أن لم يكن؛ فهوناقص في إيجاده وبقائه‏؟‏‏!‏

* · إشكال وجوابه‏:‏

قوله‏:‏ ‏{‏ما لا يخلق‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 191‏]‏ الضمير بالإفراد، وقوله‏:‏ ‏{‏وهم يخلقون‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 191‏]‏ الضمير بالجمع؛ فما الجواب‏؟‏

أجيب‏:‏ بأن قوله‏:‏ ‏{‏ما لا يخلق‏}‏ عاد الضمير على ‏(‏ما‏)‏ باعتبار اللفظ؛ لأن ‏(‏ما‏)‏ اسم موصول، لفظها مفرد، لكن معناها الجمع؛ فهي صالحة بلفظها للمفرد، وبمعناها للجمع؛ كقوله‏:‏ ‏{‏من لا يستجيب له‏}‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏ 5‏]‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏وهم يخلقون‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 191‏]‏ عاد الضمير على ‏(‏ما‏)‏ باعتبار المعنى؛ كقوله‏:‏ ‏{‏وهم عن دعائهم غافلون‏}‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏ولا يستطيعون لهم نصرا‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 192‏]‏، أي‏:‏ لا يقدرون على نصرهم لوهاجمهم عدو؛ لأن هؤلاء المعبودين قاصرون‏.‏

والنصر‏:‏ الدفع عن المخذول بحيث ينتصر على عدوه‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏ولا أنفسهم ينصرون‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 192‏]‏، بنصب أنفسهم على أنه مفعول مقدم، وليس من باب الاشتغال؛ لأن العامل لم يشتغل بضمير السابق‏.‏

أي‏:‏ زيادة على ذلك هم عاجزون عن الانتصار لأنفسهم؛ فكيف ينصرون غيرهم‏؟‏‏!‏

فبين الله عجز هذه الأصنام، وأنها لا تصلح أن تكون معبودة من أربعة وجوه، هي‏:‏

وقوله‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ‏}‏ ‏[‏فاطر‏:‏ من الآية13‏]‏‏.‏

1-أنها لا تخلق، ومن لا يخلق لا يستحق أن يعبد‏.‏

2-أنهم مخلوقون من العدم؛ فهم مفتقرون إلى غيرهم ابتداء ودواما‏.‏

3-أنهم لا يستطعون نصر الداعين لهم، وقوله‏:‏ ‏{‏لا يستطيعون‏}‏ أبلغ من قوله‏:‏ ‏{‏لا ينصرونهم‏}‏؛ لأنه لو قال‏:‏ ‏(‏لا ينصرونهم‏)‏ ؛ فقد يقول قائل‏:‏ لكنهم يستطيعون، لكن لما قال‏:‏ ‏{‏لا يستطيعون لهم نصرا‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 192‏]‏ كان أبلغ لظهور عجزهم‏.‏

4-أنهم لا يستطيعون نصر أنفسهم‏.‏

* * *

* · الآية الثالثة قوله‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 197‏]‏‏.‏

يشمل دعاء المسالة، ودعاء العبادة، و‏{‏من دونه‏}‏؛ أي‏:‏ سوى الله‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏ما يملكون من قطمير‏}‏ ‏[‏فاطر‏:‏ 13‏]‏، ‏(‏ما‏)‏‏:‏ نافية، ‏(‏من‏)‏ حرف زائد لفظا، وقيل‏:‏ لا ينبغي أن يقال‏:‏ حرف جر زائد في القرآن، بل يقال‏:‏ من‏:‏ حرف صلة، وهذا فيه نظر؛ لأن الحروف الزائدة لها معنى، وهو التوكيد، وإنما يقال‏:‏ زائد من حيث الإعراب، وجملة ‏(‏ما يملكون‏)‏ خبر المبتدأ الذي هو ‏(‏الذين‏)‏‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏من قطمير‏)‏، القطمير‏:‏ سلب نواة التمرة‏.‏

وفي النواة ثلاثة أشياء ذكرها الله في القرآن لبيان حقارة الشيء‏.‏

القطمير‏:‏ وهو اللفافة الرقيقة التي على النواة‏.‏

الفتيل‏:‏ وهو سلك يكون في الشق الذي في النواة‏.‏

النقير‏:‏ وهي النقرة التي تكون على ظهر النواة‏.‏

فهؤلاء لا يملكون من قطمير، فإن قيل‏:‏ أليس الإنسان يملك النخل كله كاملا‏؟‏

أجيب‏:‏ إنه يملكه، ولكنه ملك ناقص ليس حقيقا؛ فلا يتصرف فيه إلاعلى حسب ما جاء به الشرع، فلا يملك مثلا إحراقه للنهي عن إضاعة المال‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن تدعوهم‏)‏، جملة شرطية، تدعو‏:‏ فعل الشرط مجزوم بحذف النون، والواو فاعل، وأصلها‏:‏ تدعونهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏لا يسمعوا دعاءكم‏}‏ ‏[‏فاطر‏:‏ 14‏]‏ جواب الشرط مجزوم بحذف النون، والواو فاعل‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏ولو سمعوا ما استجابوا لكم‏}‏ ‏[‏فاطر‏:‏ 14‏]‏، أي‏:‏ إن هذه الأصنام لو دعوتموها ما سمعت، ولو فرض أنها سمعت ما استجابت؛ لأنها لا تقدر على ذلك، ولهذا قال إبراهيم عليه السلام لأبيه‏:‏ ‏{‏ِيَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا‏}‏ ‏[‏مريم‏:‏ من الآية 42‏]‏‏.‏

فإذا كانت كذلك؛ فأي شيء يدعوإلى أن تدعى من دون الله‏؟‏‏!‏ بل هذا سفه، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ من الآية130‏]‏ قوله‏:‏ ‏{‏ويوم القيامة يكفرون بشرككم‏}‏ ‏[‏فاطر‏:‏ 14‏]‏ هو كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ‏}‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏6‏]‏‏.‏

فهؤلاء المعبودون إن كانوا يبعثون ويحشرون؛ فكفرهم بشركهم ظاهر كمن يعبد عزيزا والمسيح‏.‏

وإن كانوا أحجارا وأشجارا ونحوها؛ فيحتمل أن يشملها ظاهر الآية، وهوأن الله يأتي بهذه الأحجار ونحوها؛ فتكفر بشرك من يشرك بها، ويؤيده قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّم‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ من الآية98‏]‏، وما ثبت في ‏(‏الصحيحين‏)‏ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏(‏أنه عند بعث الناس يقال لكل أمة‏:‏ لتتبع كل أمة ما كانت تعبد من دون الله‏)‏ ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب التوحيد /باب قول الله تعالى‏:‏ ‏(‏وجوه يومئذ ناضرة‏)‏، ومسلم‏:‏ كتاب الإيمان /باب معرفة طريق الرؤية‏.‏‏]‏؛ فالحجر يكون أمامهم يوم القيامة، ويكون له كلام ينطق به، ويكفر بشركهم، فإذا كانت المعبودات تحضر وتحصب في النار إهانة لعابديها وتحضر لتتبع إلى النار؛ فلا غروأن تكفر بعابديها إذا أحضرت‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏ولا ينبئك مثل خبير‏}‏ ‏[‏فاطر 14‏]‏، هذا مثال يضرب لمن أخبر بخبر ورأى شكا عند خاطبه به؛ فيقول‏:‏ ولا ينبئك مثل خبير، معناه‏:‏ أنه لا يخبرك بالخبر مثل خبير به، وهوالله؛ لأنه لا يعلم أحد ما يكون في يوم القيامة إلا الله، وخبره خبر صدق؛ لأن الله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏ومن أصدق من الله قيلا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 122‏]‏‏.‏

والخبير‏:‏ العالم ببواطن الأمور‏.‏

* · مسألة‏:‏

هل يسمع الأموات السلام ويردونه على من سلم عليهم‏؟‏

اختلف في ذلك على قولين‏:‏

القول الأول‏:‏ أن الأموات لا يسمعون السلام، وأن قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين زيارة القبور‏:‏ ‏(‏السلام عليكم‏)‏ دعاء لا يقصد به المخاطبة، ثم على فرض أنهم يسمعون كما جاء الحديث الذي صححه ابن عبد البر وأقره ابن القيم‏:‏

‏(‏الإنسان إذا سلم على شخص يعرفه في الدنيا رد الله عليه روحه فرد السلام‏)‏ ‏[‏ذكره السيوطي في ‏(‏الجامع الصغير‏)‏، 2/151، وابن عبد البر في ‏(‏الاستذكار‏)‏، 2/164، وانظر ‏(‏الروح‏)‏ لابن القيم ‏(‏1/167‏)‏، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ‏(‏24/331‏)‏‏.‏‏]‏ وعلى تقدير صحة هذا الحديث إذا كانوا يسمعون السلام ويردونه؛ فلا يلزم أن يسمعوا كل شيء، ثم لوفرض أنهم يسمعون غير السلام؛ فإن الله صرح بأن المدعوين من دون الله لا يسمعون دعاء من يدعونهم؛ فلا يمكن أن نقول‏:‏ أنهم يسمعون دعاء من يدعون؛ لأن هذا كفر بالقرآن؛ فتبين هذا أنه لا تعارض بين قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏السلام عليكم دار قوم مؤمنين‏)‏ ‏[‏البخاري /كتاب الجنائز /باب الميت يسمع خفق النعال، ومسلم‏:‏ كتاب الجنة ونعيمها /باب عرض مقعد الميت‏.‏‏.‏‏]‏ وبين هذه الآية‏.‏

وأما قوله‏:‏ ‏(‏ولو سمعوا‏)‏؛ فمعناه‏:‏ لو سمعوا فرضا ما استجابوا لكم؛ لأنهم لا يستطيعون‏.‏

القول الثاني‏:‏ أن الأموات يسمعون‏.‏

واستدلوا على ذلك بالخطاب الواقع في سلام الزائر لهم بالمقبرة‏.‏

وبما ثبت في ‏(‏الصحيح‏)‏ من أن المشيعين إذا انصرفوا سمع المشيع قرع نعالهم‏.‏

والجواب عن هذين الدليلين‏:‏ أما الأول؛ فإنه لا يلزم من السلام عليهم أن يسمعوا، ولهذا كان المسلمون يسلمون على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حياته في التشهد، وهو لا يسمعهم قطعا‏.‏

وفي الصحيح، عن أنس قال‏:‏ شج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم أحد، وكسرت رباعيته، فقال‏:‏ ‏(‏كيف يفلح قوم شجوا نبيهم‏؟‏‏)‏، فنزلت‏:‏ ‏{‏لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْء‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ من الآية128‏]‏ ‏[‏البخاري‏:‏ تعلقا ‏(‏الفتح، 7/365‏)‏، ومسلم موصولا‏:‏ كتاب الجهاد /باب غزوة أحد‏.‏‏]‏‏.‏

أما الثاني؛ فهو وارد في وقت خاص، وهو انصراف المشيعين بعد الدفن‏.‏ وعلى كل؛ فالقولان متكافئان، والله أعلم بالحال‏.‏

* * *

قوله‏:‏ ‏(‏وفي الصحيح‏)‏، سبق الكلام على مثل هذا التعبير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أحد‏)‏، جبل معروف شمالي المدينة، ولا يقال‏:‏ المنورة؛ لأن كل بلد دخله الإسلام فهومنور بالإسلام، ولأن ذلك لم يكن معروفًا عند السف، وكذلك جاء اسمها في القرآن بالمدينة فقط، لكن لو قيل‏:‏ المدينة النبوية لحاجة تمييزها؛ فلا بأس، وهذا الجبل حصلت فيه وقعة في السنة الثالثة من الهجرة في شوال هزم فيها المسلمون بسبب ما حصل منهم من مخالفة أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما أشار الله إلى ذلك بقوله‏:‏ ‏{‏حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّون‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ من الآية152‏]‏، وجواب الشرط محذوف تقديره‏:‏ حصل لكم ما تكرهون‏.‏

وقد حصلت هزيمة المسلمين لمعصية واحدة، ونحن الآن نريد الانتصار والمعاصي كثيرة عندنا، ولهذا لا يمكن أن نفرح بنصر مادمنا على هذه الحال؛ إلا أن يرفق الله بنا ويصلحنا جميعًا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏شج‏)‏، الشجة‏:‏ الجرح في الرأس والوجه خاصة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكسرت رباعيته‏)‏، السنان المتوسطان يسميان ثنايا، وما يليهما يسميان رباعيتين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال‏:‏ كيف يفلح قوم شجوا نبيهم‏؟‏‏!‏‏)‏، الاستفهام يراد به الاستبعاد؛ أي‏:‏ بعيد أن يفلح قوم شجوا نبيهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يفلح‏)‏ من الفلاح، وهوالفوز بالمطلوب، والنجاة من المرهوب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فنزلت‏:‏ ‏(‏ليس لك من الأمر شيء‏)‏، أي‏:‏ نزلت هذه الآية، والخطاب فيها للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏

و‏(‏شيء‏)‏‏:‏ نكرة في سياق النفي؛ فتعم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الأمر‏)‏؛ أي‏:‏ الشأن، والمراد‏:‏ شأن الخلق، فشأن الخلق إلى خالقهم، حتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس له فيهم شيء‏.‏

ففي الآية خطاب للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد شج وجهه، وكسرت رباعيته، ومع ذلك ما عذره الله ـ سبحانه ـ في كلمة واحدة‏:‏ ‏(‏كيف يفلح قوم شجوا نبيهم‏؟‏‏)‏، فإذا كان الأمر كذلك؛ فما بالك بمن سواه‏؟‏ فليس لهم من الأمر شيء؛ كالأصنام، والأوثان، والأولياء، والأنبياء؛ فالأمر كله لله وحده، كما أنه الخالق وحده، والحمد لله الذي لم يجعل أمرنا إلى أحد سواه؛ لأن المخلوق لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا؛ فكيف يملك لغيره‏؟‏‏!‏

ونستفيد من هذا الحديث أنه يجب الحذر من إطلاق اللسان فيما إذا رأى الإنسان مبتلى بالمعاصي؛ فلا نستبعد رحمة الله منه، فإن الله تعالى قد يتوب عليه‏.‏

وفيه‏:‏ عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول ـ إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر ـ‏:‏

فهؤلاء الذين شجوا نبيهم لما استبعد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلاحهم؛ قيل له‏:‏ ‏(‏ليس لك من الأمر شيء‏)‏‏.‏

والرجل المطيع الذي يمر بالمعاصي من بني إسرائيل ويقول‏:‏ ‏(‏والله؛ لا يغفر الله لفلان‏.‏ قال الله له‏:‏ من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان‏؟‏ قد غفرت له وأحبطت عملك‏)‏ ‏[‏مسلم‏:‏ كتاب البر والصلة/ باب النهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله‏.‏‏]‏ ؛ فيجب على الإنسان أن يمسك اللسان لأن زلته عظيمة، ثم إننا نشاهد أو نسمع قومًا كانوا من أكفر عباد الله وأشدهم عداوة انقلبوا أولياء لله، فإذا كان كذلك؛ فلماذا نستبعد رحمة الله من قوم كانوا عتاة‏؟‏‏!‏

وما دام الإنسان لم يمت؛ فكل شيء ممكن، كما أن المسلم ـ نسأل الله الحماية ـ قد يزيغ قلبه لما كان فيه من سريرة فاسدة‏.‏

فالمهم أن هذا الحديث يجب أن يتخذ عبرة للمعتبر في أنك لا تستبعد رحمة الله من أي إنسان كان عاصيًا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فنزلت‏)‏، الفاء للسببية، وعليه؛ فيكون سبب نزول هذه الآية هذا الكلام‏:‏ ‏(‏كيف يلفح قوم شجوا وجه نبيهم‏؟‏‏!‏‏)‏‏.‏

* * *

قوله‏:‏ ‏(‏وفيه‏)‏، أي الصحيح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر‏)‏، قيد مكان ‏(‏اللهم العن فلانًا وفلانًا‏)‏ بعدما يقول‏:‏ سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد‏)‏، فأنزل الله ‏{‏ليس لك من الأمر شيء‏}‏ ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة/باب ‏{‏ليس لك من الأمر شيء‏}‏‏.‏‏]‏

الدعاء من الصلوات بالفجر، ومكانة من الركعات بالأخيرة، ومكانة من الركعة بما بعد الرفع من الركوع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يقول‏:‏ اللهم العن فلانًا وفلانًا‏)‏، اللعن‏:‏ الطرد والإبعاد عن رحمة الله؛ أي‏:‏ أبعدهم عن رحمتك، وأطردهم منها‏.‏

و‏(‏فلانًا وفلانًا‏)‏‏:‏ بينه في الرواية الثانية أنهم‏:‏ صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بعدما يقول‏:‏ سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد‏)‏، أي‏:‏ يقول ذلك إذا رفع رأسه وقال‏:‏ سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأنزل الله‏:‏ ‏{‏ليس لك من الأمر شيء‏}‏‏)‏، هنا قال‏:‏ ‏(‏فأنزل‏)‏، وفي الحديث السابق قال‏:‏ ‏(‏فنزلت‏)‏، وكلها بالفاء، وعلى هذا يكون سبب نزول الآية دعوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على هؤلاء، وقوله‏:‏ ‏(‏كيف يفلح قوم شجوا نبيهم‏؟‏‏)‏، ولا مانع أن يكون لنزول الآية سببان‏.‏

وقد أسلم هؤلاء الثلاثة وحسن إسلامهم رضي الله عنهم؛ فتأمل الآن أن العداوة قد تنقلب ولاية؛ لأن القلوب بيد الله ـ سبحانه وتعالى ـ ولوأن الأمر كان على ظن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لبقي هؤلاء على الكفر حتى الموت، إذ لوقبلت الدعوة عليهم، وطردوا عن الرحمة؛ لم يبق إلا العذاب‏.‏

وفي رواية يدعوعلى صفوان بن أمية وسهيل بن عمرووالحارث ابن هشام، فنزلت‏:‏ ‏(‏ليس لك من الأمر شيء‏)‏ ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب المغازي/باب ‏{‏ليس لك من الأمر شيء‏}‏ مرسلًا، ووصله الإمام أحمد في ‏(‏المسند‏)‏2/93‏.‏

‏]‏‏.‏

ولكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس له من الأمر شيء؛ فالأمر كله لله، ولهذا هدى الله هؤلاء القوم، وصاروا من أولياء الله الذابين عن دينه، بعد أن كانوا من أعداء الله القائمين صده، والله ـ سبحانه ـ يمن على من يشاء من عباده‏.‏

وليس بعيدًا من ذلك قصة أصيرم بن عبد الأشهل الأنصاري، حيث كان معروفًا بالعداوة لما جاء به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما جاءت وقعة أحد ألقى الله الإسلام في قلبه دون أن يعلم به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أواحد من قومه، وخرج للجهاد وقتل شهيدًا، فلما انتهت المعركة جعل الناس يتفقدون قتلاهم؛ فإذا هوفي آخر رمق، فقالوا‏:‏ ما جاء بك يا فلان‏؟‏ أحدث على قومك، أم رغبة في الإسلام‏؟‏ قال‏:‏ بل رغبة في الإسلام، وإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله؛ فأخبروا عني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏ فأخبروه، فقال‏:‏ ‏(‏هو من أهل الجنة‏)‏؛ فهذا الرجل لم يصل لله ركعة واحدة، ومع هذا جعله الله من اهل الجنة؛ فالله حكيم يهدي من يشاء لحكمته، ويضل من يشاء لحكمة؛ فالمهم أننا لا نستبعد رحمة الله ـ عز وجل ـ من أي إنسان‏.‏

* * *

وفيه‏:‏ عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال‏:‏ قام فينا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين أنزل عليه‏:‏ ‏{‏وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ‏}‏ ‏[‏الشعراء‏:‏214‏]‏؛ فقال‏:‏ ‏(‏يا معشر قريش ‏(‏أو كلمة نحوها‏)‏ اشتروا أنفسكم؛ لا أغني عنكم من الله شيئًا‏.‏

قول‏:‏ ‏(‏قام‏)‏، أي‏:‏ خطيبًا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أنزل عليه‏)‏، أي‏:‏ أنزل عليه بواسطة جبريل‏:‏ ‏{‏وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ‏}‏ ‏[‏الشعراء‏:‏214‏]‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أنذر‏)‏، أي‏:‏ حذر وخوف، والإنذار‏:‏ الإعلام المقرون بتخويف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عشيرتك‏)‏، العشيرة‏:‏ قبيلة الرجل من الجد الرابع فما دون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الأقربين‏)‏، أي‏:‏ الأقرب فالأقرب؛ فأول من يدخل في عشيرة الرجل أولاده، ثم آباؤه، ثم إخوانه، ثم أعمامه، وهكذا‏.‏

ويؤخذ من هذا أن الأقرب فالأقرب أولى بالإنذار؛ لأن الحكم المعلق على وصف يقوى بقوة هذا الوصف، وذلك أن الوصف الموجب للحكم كلما كان أظهر وأبين؛ كان الحكم فيه أظهر وأبين‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏حين أنزل عليه‏)‏ يفيد أنه لم يتأخر ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل قام، فقال‏:‏ ‏(‏يا معشر قريش‏!‏‏)‏؛ أي‏:‏ يا جماعة قريش‏.‏

وقريش‏:‏ هو فهر بن النضر بن مالك، أحد أجداد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أو كلمة نحوها‏)‏، أي‏:‏ أوقال كلمة نحوها، أي شبهها، وهذا من احتراز الرواة أنهم إذا شكوا أدنى شك قالوا‏:‏ أوكما قال، أوكلمة نحوها، وما أشبه ذلك‏!‏ وعليه فـ ‏(‏أو‏)‏‏:‏ للشك والتردد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اشتروا أنفسكم‏)‏، أي‏:‏ أنقذوها؛ لأن المشتري نفسه كأنه أنقذها من يا عباس بن عبد المطلب ‏!‏ لا أغني عنك من الله شيئًا‏.‏ يا صفية عمة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏!‏ لا أغني عنك من الله من شيئًا‏.‏ ويا فاطمة بنت محمد ‏!‏ سليني من مالي ما شئت؛ لا أغني عنك من الله شيئًا‏)‏ ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب التفسير/باب ‏(‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏)‏، ومسلم‏:‏ كتاب الإيمان/باب ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏‏.‏‏]‏‏.‏

هلاك، والمشتري راغب، ولهذا عبر بالاشتراء كأنه يقول‏:‏ اشتروا أنفسكم راغبين‏.‏

وفي قوله‏:‏ ‏(‏اشتروا أنفسكم‏)‏ من الحض على هذا الأمر ما هو ظاهر؛ لأن المشتري يكون راغبًا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا أغني عنكم من الله شيئًا‏)‏، هذا هوالشاهد؛ أي‏:‏ لا أدفع أولا أنفع، أي‏:‏ لا أنفعكم بدفع شيء عنكم دون الله، ولا أمنعكم من شيء أراده الله لكم؛ لأن الأمر بيد الله، ولهذا أمر الله نبيه بذلك؛ فقال‏:‏ ‏{‏قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا‏}‏ ‏[‏الجـن‏:‏21-22‏]‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏شيئًا‏)‏، نكرة في سياق النفي؛ فتعم أي شيء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يا عباس بن عبد المطلب‏)‏، هو عم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعبد المطلب جد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعباس؛ بالضم؛ لأن المنادي إذا كان معرفة يبنى على الضم، ونعته إذا كان مضافًا ينصب، وهنا ابن عبدالمطلب مضاف، ولهذا نصب‏.‏

فإن قيل‏:‏ كيف يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ عبد المطلب أنه لا يجوز أن يضاف عبد إلا إلى الله ـ عز وجل ـ‏؟‏

فالجواب‏:‏ إن هذا ليس إنشاء، بل هو خبر؛ فاسمه عبد المطلب، ولم يسمه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لكن اشتهر بعبد المطلب، ولهذا انتمى إليه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال‏:‏

أنا النبي لا كذب ** أنا ابن عبدالمطلب ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب الجهاد/باب من صف أصحابه عند الهزيمة، ومسلم‏:‏ كتاب الجهاد/ باب غزوة حنين‏.‏‏]‏

فلو فرض أن لك أبًا يسمى عبدالمطلب، أوعبد العزى؛ فإنك تنتسب إليه، ولا يعد هذا إقرارًا، ولكنه خبر عن أمر واقع؛ كما لوقلت‏:‏ كفر فلان، ونافق فلان، وما أشبه ذلك، ولكن إذا كان موجودًا غيرنا اسمه إذا كان لا يجوز‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا أغنى عنك من الله شيئًا‏)‏، أي‏:‏ لا أنفعك بشيء دون الله، ولا أمنعك من شيء أراده الله لك؛ فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يغني عن أحد شيئًا حتى عن أبيه وأمه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يا صفية عمة رسول الله‏!‏‏)‏، يقال في إعرابها كما قيل في عباس بن عبدالمطلب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يا فاطمة بنت محمد‏!‏ سليني من مالي ما شئت‏)‏، أي‏:‏ اطلبي من مالي ما شئت؛ فلن أمنعك لأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مالك لما له، ولكن بالنسبة لحق الله قال‏:‏ ‏(‏لا أغني عنك من الله شيئًا‏)‏‏.‏

فهذا كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأقاربه الأقربين‏:‏ عمه، وعمته، وابنته؛ فما بالك بمن هم أبعد‏؟‏ ‏!‏ فعدم إغنائه عنهم شيئًا من باب أولى؛ فهؤلاء الذين يتعلقون بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويلوذون به الموجودين في هذا الزمن وقبله قد غرهم الشيطان واجتالهم عن طريق الحق؛ لأنهم تعلقوا بما ليس بمتعلق؛ إذ الذي ينفع بالنسبة للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الإيمان به واتباعه‏.‏

* فيه مسائل

الأولى‏:‏ تفسير الآيتين‏.‏ الثانية‏:‏ قصة أحد‏.‏ الثالثة‏:‏ قنوت سيد المرسلين وخلفه سادات الأولياء يؤمنون في الصلاة‏.‏

أما دعاؤه والتعلق به رجاؤه فيما يؤمل، وخشية فيما يخاف منه؛ فهذا شرك بالله، وهومما يبعد عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعن النجاة من عذاب الله‏.‏

ففي الحديث امتثال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأمر ربه في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ‏}‏ ‏[‏الشعراء‏:‏214‏]‏، فإنه قام بهذا الامر أتم القيام؛ فدعا وعم وخصص، وبين أنه لا ينجي أحدًا من عذاب الله بأي وسيلة، بل الذي ينجي هو الإيمان به واتباع ما جاء به‏.‏

وإذا كان القرب من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يغني عن القريب شيئًا؛ دل ذلك على منع التوسل بجاه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأن جاه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا ينتفع به إلا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولهذا كان أصح قولي أهل العلم تحريم التوسل بجاه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏

* * *

فيه مسائل

* الأولى‏:‏ تفسير الآيتين، وهما آيتا الأعراف، ويتفق ذلك في أول الباب، والاستفهام فيهما للتوبيخ والإنكار، وكذلك سبق تفسير الآية الثالثة آية فاطر‏.‏

* الثانية‏:‏ قصة أحد، يعني‏:‏ حيث شج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏‏.‏‏.‏ الحديث‏.‏‏.‏

* الثالثة‏:‏ قنوت سيد المرسلين‏.‏‏.‏‏.‏إلخ، أراد المؤلف بهذه المسألة أن النبي

* الرابعة‏:‏ أن المدعو عليهم كفار‏.‏

ـ صلى الله عليه وسلم ـ سيد المرسلين، وأصحابه سادت الأولياء، ومع هذا ما أنقذوا أنفسهم؛ فكيف ينقذون غيرهم‏؟‏‏!‏ وليس مراده رحمه الله مجرد إثبات القنوت والتأمين عليه، ولهذا جاءت العبارات بسيد وسادات؛ فلا أحد من هذه الأمة أقرب إلى الله من الرسول وأصحابه، ومع ذلك يلجئون إلى الله ـ سبحانه ـ في كشف الكربات، ومن كانت هذه حاله؛ فكيف يمكن أن يلجأ إليه في كشف الكربات‏؟‏‏!‏ فليس مراد المؤلف إثبات مسألة فقهية‏.‏

* الرابعة‏:‏ أن المدعوعليهم كفار، تؤخذ من قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أو يتوب عليهم‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 128‏]‏؛ فهذا دليل على أنهم الآن ليسوا على حال مرضية، ومن المعلوم أن صفوان بن أمية وسهيل بن عمرووالحارث بن هشام وقت الدعاء عليهم كانوا كفارًا‏.‏

وهذه المسألة ـ أي أن المدعوعليهم كفار ـ ترمي إلى أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإن كان يرى أنه دعا عليهم بحق؛ فقد قطع الله ـ سبحانه وتعالىـ أن يكون له من الأمر شيء لأنه قد يقول قائل‏:‏ إذا كانوا كفارًا؛ أليس يملك الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يدعو عليهم‏؟‏

نقول‏:‏ حتى في هذه الحال لا يملك من أمرهم شيئًا، هذا وجه قول المؤلف أن المدعوعليهم كفار، وليس مراده الإعلام بكفرهم؛ لأن هذا معلوم لا يستحق أن يعنون له، بل المراد في هذه الحال الذي كان هؤلاء كفارًا لم يملك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيئًا بالنسبة إليهم‏.‏

الخامسة‏:‏ أنهم فعلوا أشياء ما فعلها غالب الكفار؛ منها‏:‏ شجهم نبيهم، وحرصهم على قتله، ومنها التمثيل بالقتلى مع أنهم بنوعمهم‏.‏ السادسة‏:‏ أنزل الله عليه في ذلك‏:‏ ‏{‏ليس لك من الأمر شيء‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 128‏]‏‏.‏ السابعة‏:‏ قوله‏:‏ ‏{‏أو يتوب عليهم أو يعذبهم‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 128‏]‏، فتاب عليهم؛ فآمنوا‏.‏

* الخامسة‏:‏ أنهم فعلوا أشياء ما فعلها غالب الكفار، أي‏:‏ إنهم مع كفرهم كانوا معتدين، ومع ذلك قيل له في حقهم‏:‏ ‏{‏ليس لك من الأمر شيء‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 128‏]‏، وإلا؛ فهم شجوا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومثلوا بالقتلى مثل حمزة بن عبدالمطلب، وكذلك أيضًا حرصوا على قتل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع أن كل هؤلاء فيهم من بني عمهم، وفيهم من الأنصار‏.‏

* السادسة‏:‏ أنزل الله عليه في ذلك‏:‏ ‏{‏ليس لك من الأمر شيء‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 128‏]‏، أي‏:‏ مع ما تقدم من الأمور التي تقتضي أن يكون للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حق بأن يدعو عليهم أنزل الله‏:‏ ‏{‏ليس لك من الأمر شيء‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 128‏]‏؛ فالأمر لله وحده، فإذا كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد قطع عنه هذا الشيء؛ فغيره من باب أولى‏.‏

* السابعة‏:‏ قوله‏:‏ ‏{‏أو يتوب عليهم‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 128‏]‏، فتاب عليهم، فآمنوا، وهذا دليل على كمال سلطان الله وقدرته؛ فهؤلاء الذين جرى منهم ما جرى تاب الله عليهم وآمنوا؛ لأن الأمر كله بيده سبحانه، وهوالذي يذل من يشاء ويعز من يشاء، ومن ذلك ما جرى من عمر رضي الله عنه قبل إسلامه من العداوة الظاهرة للإسلام، وما جرى منه بعد إسلامه من الولاية والنصرة لدين الله تعالى؛ فرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن دونه لا يستطيعون أن يغيروا شيئًا من أمر الله‏.‏

الثامنة‏:‏ القنوت في النوازل‏.‏

* الثامنة‏:‏ القنوت في النوازل، وهذه هي المسألة الفقهية، فإذا نزل بالمسلمين نازلة؛ فإنه ينبغي أن يُدعى لهم حتى تنكشف‏.‏

وهذا القنوت مشروع في كل الصلوات، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي رواه أحمد وغيره ‏[‏مسند الإمام أحمد ‏(‏1/301‏)‏، والحاكم ‏(‏1/255‏)‏، وصححه ووافقه الذهبي‏.‏‏]‏؛ إلا أن الفقهاء رحمهم الله استثنوا الطاعون، وقالوا‏:‏ لا يقنت له لعدم ورود ذلك، وقد وقع في عهد عمر ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب الحيل/باب ما يكره من الاحتيال في الفرار من الطاعون ‏.‏‏.‏‏.‏، ومسلم‏:‏ كتاب السلام/باب الطاعون والطيرة‏]‏ رضي الله عنه ولم يقنت، ولأنه شهادة؛ فلا ينبغي الدعاء برفع سبب الشهادة‏.‏

وظاهر السنة أن القنوت إنما يشرع في النوازل التي تكون من غير الله، مثل‏:‏ إيذاء المسلمين والتضييق عليهم، أما ما كان من فعل الله؛ فإنه يشرع له ما جاءت به السنة، مثل الكسوف؛ فيشرع له صلاة الكسوف، والزلازل شرع لها صلاة الكسوف كما فعل ابن عباس رضي الله عنهما، وقال‏:‏ هذه صلاة الآيات، والجدب يشرع له الاستسقاء، وهكذا‏.‏

وما علمت لساعتي هذه أن القنوت شرع لأمر نزل من الله، بل يدعى له بالأدعية الواردة الخاصة، لكن إذا ضيق على المسلمين وأوذوا وما أشبه ذلك؛ فإنه يقنت اتباعًا للسنة في هذا الأمر‏.‏

ثم من الذي يقنت‏:‏ الإمام الأعظم، أوإمام كل مسجد، أو كل مصل‏؟‏

التاسعة‏:‏ تسمية المدعوعليهم في الصلاة بأسمائهم وأسماء آبائهم‏.‏

المذهب‏:‏ أن الذي يقنت هوالإمام الأعظم فقط الذي هو الرئيس الأعلى للدولة‏.‏

وقيل‏:‏ يقنت كل إمام مسجد‏.‏

وقيل‏:‏ يقنت كل مصل، وهوالصحيح؛ لعموم قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏صلوا كما رأيتموني أصلي‏)‏ ‏[‏ البخاري‏:‏ كتاب الأذان/باب الأذان للمسافرين‏.‏

‏]‏ ، وهذا يتناول قنوته ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند النوازل‏.‏

* التاسعة‏:‏ تسمية المدعو عليهم في الصلاة بأسمائهم وأسماء آبائهم، وهم‏:‏ صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام؛ فسماهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، لكن هل هذا مشروع أو جائز‏؟‏

الجواب‏:‏ هذا جائز، وعليه، فإذا كان في تسمية المدعوعليهم مصلحة؛ كانت التسمية أولى، ولودعاء، والدعاء مخاطبة الله تعالى، ولا يدخل في عموم قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس‏)‏ ‏[‏مسلم‏:‏ كتاب المساجد/باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته‏.‏

‏]‏‏.‏

مسألة‏:‏ هل الذي نهي عنه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الدعاء أولعن المعينين‏؟‏

الجواب‏:‏ المنهي عنه هو لعن الكفار في الدعاء على وجه التعيين، أما لعنهم عمومًا؛ فلا بأس به، وقد ثبت عن أبي هريرة أنه كان يقنت ويلعن الكفرة عمومًا، ولفظ ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنه قال‏:‏ ‏(‏لأقربن صلاة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخرى من صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة الصبح بعدما يقول‏:‏ سمع الله لمن حمده؛ فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار‏)‏ ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب صفة الصلاة/ باب فضل اللهم ربنا ولك الحمد، ومسلم‏:‏ كتاب المساجد/باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة‏.‏‏]‏ ، ولا بأس بدعائنا على الكافر بقولنا‏:‏ اللهم‏!‏ أرح المسلمين منه، واكفهم شره، واجعل شره في نحره، ونحو ذلك‏.‏

أما الدعاء بالهلاك لعموم الكفار؛ فإنه محل نظر، ولهذا لم يدع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على قريش بالهلاك، بل قال‏:‏ ‏(‏اللهم‏!‏ عليك بهم، اللهم ‏!‏ اجعلها عليهم سنين كسني يوسف‏)‏ ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب الاستسقاء/باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏اجعلها عليهم سنين كسني يوسف‏)‏، ومسلم‏:‏ كتاب المساجد/باب استحباب القنوت‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏]‏، وهذا دعاء عليهم بالتضييق، والتضييق قد يكون من مصلحة الظالم بحيث يرجع إلى الله من ظلمه‏.‏

فالمهم أن الدعاء بالهلاك لجميع الكفار عندي تردد فيه‏.‏

وقد يستدل بدعاء خبيب حيث قال‏:‏ ‏(‏اللهم أحصهم عددًا، ولا تبق منهم أحدًا‏)‏ ‏[‏البخاري‏:‏ كتاب المغازي/باب فضل من شهد بدرًا‏.‏‏]‏ على جواز ذلك؛ لأنه وقع في عهد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏

ولأن الأمر وقع كما دعا؛ فإنه ما بقي منهم أحد على رأس الحول، ولم ينكر الله تعالى ذلك، ولا أنكره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل إن إجابة الله دعاءه يدل على رضاه به وإقراره عليه‏.‏

فهذا قد يستدل به على جواز الدعاء على الكفار بالهلاك، لكن يحتاج أن ينظر في القصة؛ فقد يكون لها أسباب خاصة لا تتأتى في كل شيء‏.‏

العاشرة‏:‏ لعن المعين في القنوت‏.‏ الحادية عشرة‏:‏ قصته ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما أنزل عليه‏:‏ ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ ‏[‏الشعراء‏:‏ 214‏]‏‏.‏ الثانية عشرة‏:‏ جده ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الأمر؛ بحيث فعل ما نسب بسببه إلى الجنون، وكذلك لو يفعله مسلم الآن‏.‏

ثم إن خبيبًا دعا بالهلاك لفئة محصورة من الكفار لا لجميع الكفار‏.‏

وفيه أيضًا إن صح الحديث‏:‏ دعاؤه على عتبة بن أبي لهب‏:‏ ‏(‏اللهم‏!‏ سلط عليه كلبًا من كلابك‏)‏ ‏[‏الحاكم في ‏(‏المستدرك‏)‏ ‏(‏كتاب التفسير، تفسير سورة أبي لهب، 2/539‏)‏، وقال‏:‏ ‏(‏صحيح الإسناد‏)‏، ولم يخرجاه‏)‏، ووافقه الذهبي‏.‏

‏]‏ فيه دليل على الدعاء بالهلاك، لكن هذا على شخص معين لا على جميع الكفار‏.‏

* العاشرة‏:‏ لعن المعين في القنوت، هذا غريب، فإن أراد المؤلف رحمه الله أن هذا أمر وقع، ثم نهى عنه؛ فلا إشكال، وإن أراد أنه يستفاد من هذا جواز لعن المعين في القنوت أبدًا؛ فهذا فيه نظر لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن ذلك‏.‏

* الحادية عشرة‏:‏ قصته ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما أنزل عليه‏:‏ ‏{‏وأنذر عشيرتك الأقربين‏}‏ ‏[‏الشعراء‏:‏ 214‏]‏، وهي أنه لما نزلت عليه الآية نادى قريشاَ؛ فعم، ثم خصص، فامتثل أمر الله في هذه الآية‏.‏

* الثانية عشرة‏:‏ جده ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الأمر، بحيث فعل ما نسب بسببه إلى الجنون، أي‏:‏ اجتهاده ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الأمر، بحيث قالوا‏:‏ إن محمدًا جن، كيف يجمعنا وينادينا هذا النداء‏؟‏ ‏!‏

الثالثة عشرة‏:‏ قوله للأبعد والأقرب‏:‏ ‏(‏لا أغني عنك من الله شيئًا‏)‏، حتى قال‏:‏ ‏(‏يا فاطمة بنت محمد ‏!‏ لا أغني عنك من الله شيئًا‏)‏‏.‏ فإذا صرح وهوسيد المرسلين بأنه لا يغني شيئًا عن سيدة نساء العالمين، وآمن الإنسان بأنه لا يقول إلا الحق ن ثم نظر فيما وقع في قلوب خواص الناس اليوم؛ تبين له ترك التوحيد وغربة الدين‏.‏

وقول‏:‏ ‏(‏وكذلك لو يفعله مسلم الآن‏)‏، أي لوأن إنسانًا جمع الناس، ثم قام يحذرهم كتحذير النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لقالوا‏:‏ مجنون، إلا إذا كان معتادًا عند الناس، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ من الآية140‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏يقلب الله الليل والنهار‏}‏ ‏[‏النور‏:‏44‏]‏؛ فهذا يختلف باختلاف البلاد والزمان، ثم إنه يجب على الإنسان أن يبذل جهده واجتهاده في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قام بهذا الأمر ولم يبال بما رمي به من الجنون‏.‏

* الثالثة عشرة‏:‏ قوله للأبعد‏:‏ ‏(‏لا أغني عنك من الله شيئًا‏)‏، صدق رحمه الله فيما قال؛ فإنه إذا كان هذا القائل سيد المرسلين، وقاله لسيدة نساء العالمين، ثم نحن نؤمن أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يقول إلا الحق، وأنه لا يغني عن ابنته شيئًا؛ تبين لنا الآن أن ما يفعله خواص الناس ترك للتوحيد؛ لأنه يوجد أناس خواص يرون أنفسهم علماء، ويراهم من حولهم علماء وأهلًا للتقليد، يدعون الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لكشف الضر وجلب النفع دعوة صريحة، ويرددون‏:‏

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ** سواك عند حلول الحادث العمم

وغير ذلك من الشرك، وإذا أنكر عليهم ذلك ردوا إلى المنكر بأنه لا يعرف حق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومقامة عند الله، وأنه سيد الكون، وما خلقت الجن والإنس إلا من أجله، وأنه خلق من نور العرش، ويلبسون بذلك على العامة، فيصدقهم البعض لجهلهم، ولوجاءهم من يدعوهم إلى التوحيد لم يستجيبوا له؛ لأن سيدهم وعالمهم على خلاف التوحيد، ‏{‏وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ من الآية145‏]‏، ثم إن المؤمن عاطفته وميله للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر لا ينكر، لكن الإنسان لا ينبغي له أن يحكم العاطفة، بل يجب عليه أن يتبع ما دل عليه الكتاب والسنة وأيده العقل الصريح السالم من الشبهات والشهوات‏.‏

ولهذا نعى الله ـ سبحانه ـ على الكفار الذين اتبعوا ما ألفوا عليه آباءهم بأنهم لا يعقلون، وكلام المؤلف حق؛ فإن من تأمل ما عليه الناس اليوم في كثير من البلدان الإسلامية تبين له ترك التوحيد وغربة الدين‏.‏

* * *